سكان منطقة الختم : الآبار المكشوفة تتربص بالسكان والزوار والماشية


dsc_0018

dsc_0005

تصاعدت شكاوى أهالي عدد من المناطق الواقعة على امتداد الحزام الزراعي بين مدينة ابوظبي والعين وعلى رأسها منطقة الختم التي تبعد 70 كيلومتراً شرق مدينة أبوظبي، ضد آبار مكشوفة تركت في العراء دون حواجز أو أغطية أو علامات تحذيرية، ما جعلها تشكل مصدر خطر بالغ على الأرواح والمواشي في المنطقة.

ورصدت مجلة «مزارع» في جولة ميدانية بعضاً من آراء السكان وأصحاب المزارع في المنطقة، والذين أكدوا أن هذه الآبار المكشوفة تعد أشراكاً موقوتة، تتربص بالناس والحيوانات على حد سواء، حيث تقع بمحاذاة بعض الطرق التي يعبرها سكان وزوار المنطقة، ويتراوح قطرها ما بين 3 و5 أمتار، ومع مرور الزمن تسببت الرياح في تسوية فوهات معظمها مع سطح الأرض، الأمر الذي أدى إلى صعوبة مشاهدتها ليلاً، مما أدى إلى تعريض حياة العديد من الأشخاص إلى الخطر.

وقال السكان إن شبح الآبار المكشوفة بات في منطقة الختم، يهدد المواطنين والسائحين من حولها لسنوات طوال، بعد أن أذاق الكثيرين من الأهالي مرارة إصابة ذويهم وفقدان ممتلكاتهم من جمال وأغنام في غيابات تلك الآبار، بعد أن ابتلعتهم دون سابق إنذار.

ولفتوا إلى أن هذه الآبار المكشوفة زرعت القلق لدى نفوس السكان والزوار من خارج المنطقة، وذلك بعد أن شهدت الفترة الأخيرة العديد من حوادث السقوط، مؤكدين أن هذه الآبار أصبحت الآن تتربص بأرواح أبنائنا ومواشينا، فلا يكاد يمر وقت إلا وتكون هناك حادثة سقوط.

ويعود انتشار تلك الآبار المكشوفة، والتي أنشئت منذ أكثر من 30 عاماً، بهدف تأمين السقيا والري للمحاصيل الزراعية، على امتداد الطريق بين مدينة أبوظبي والعين إلى اختلاف الطبيعة الجغرافية للمنطقة عن غيرها من المناطق، ولكون المنطقة تتمتع بمساحات زراعية واسعة.

في البداية طالب المواطن حمدان الحمادي الجهات المختصة بضرورة تشكيل فرق لحصر هذه الآبار وتسويرها أو دفن المهجورة منها لحماية المارة من خطر السقوط، وتكثيف الحملات التفتيشية على المزارع، وفرض غرامات مالية وعقوبات أخرى، على ملاك الآبار المكشوفة، معرباً في الوقت نفسه عن تخوفهم من استغلالها من قبل بعض ضعفاء النفوس في إخفاء جرائم ، لا سمح الله.

وقال: خلال السنوات الماضية لاحظ أحد العاملين بالمزارع القريبة من تلك الآبار، وجود عدد من الأشخاص الذين يقومون بالتسلل ليلاً إلى تلك الآبار وتفريغ ما بحوزتهم من أمتعة، حيث قام بإبلاغ الجهات المعنية التي وصلت إلى موقع البائر وفتشته لتكتشف وجود مواد مخدرة تم تخبئتها فيه.

وشدد عتيبة المزروعي صاحب مزرعة: إن معظم الآبار الموجودة في أرجاء المنطقة، ناضبة من المياه، حيث تم حفرها منذ أكثر من 30 عاماً، بهدف الزراعة وتخزين مياه الأمطار، كما أنها تفتقر إلى وسائل السلامة تماماً، ما يشكل خطورة بالغة في حالة السقوط فيها  لا سمح الله.

وأوضح أنه ومن منطلق حرص سكان المنطقة على سلامة ذويهم، تم تشكيل فريق يضم عدداً من أفراد المنطقة، قام بتحديد مواقع هذه الآبار المكشوفة، ووضع أعمدة وإطارات تعريفية تدل على هذه الآبار المكشوفة، لافتاً إلى أن المشكلة حالياً تكمن في عدم معرفة الزوار والعاملين بالمنطقة بمعنى تلك الإشارات وما ترمز إليه.

وتساءل خليفة ناصر عن سبب استمرار وجود هذه الآبار حتى الآن، وعدم قيام الجهات المعنية بدورها التوعوي لسكان وزوار تلك المناطق، مشيراً إلى أهمية اتخاذ إجراءات احترازية تتمثل في نشر وتوزيع العبارات التوعوية ومواقع تلك الآبار، بهدف توعية المواطنين والمقيمين بخطورة تلك الآبار، وحثهم على تبليغ الجهات المعنية لاتخاذ الإجراءات المناسبة تجاهها، حفاظاً على أرواحهم وأرواح ذويهم من  الصغار وكبار السن.

وأوضح المواطن يحيى الكثيري، أن هذه الآبار المكشوفة تمثل مصائد مميتة تهدد سلامة الجميع، خصوصاً خلال فترة الإجازة، حيث يتوافد إلى المنطقة العديد من الزوار لممارسة قيادة الدراجات الرملية والتخييم، حيث لا يخلو موسم من حادثة سقوط بين هؤلاء الزوار، نتيجة أن معظمهم لا يعرفون طبيعة المنطقة وحقيقة تلك المواقع أثناء الليل، خاصة أن بعضاً من تلك الآبار ذات فتحات كبيرة ويتساوى مع سطح الأرض، ويخلو من الحواجز والأغطية والعلامات البارزة والتحذيرات.

وقال: لا تزال قصص أولئك الذين أصيبوا وذهبوا ضحية الآبار المكشوفة في منطقة الختم عالقة في أذهان أصدقائهم وذويهم، مشيراً إلى أن آخر الحوادث التي شهدتها المنطقة، تمثل في تعرض حارس لإحدى المزارع لحادث سقوط، بينما كان يساعد أحد العاملين في المزرعة في مهام نقل وتخزين بعض المحاصيل، حيث أسفر الحادث عن كسر في قدمه، فيما أكد الحارس أنه لم يشاهد فوهة هذه البئر ولا حدودها، مما يؤكد أن تلك الآبار تشكل خطراً كبيراً على أمن وسلامة الأرواح.

ودعا سهيل الخييلي صاحب إحدى المزارع الجهات المختصة، إلى الحد من خطورة الآبار المكشوفة بالمنطقة، خاصة بالمزارع، التي تشكل تهديداً مباشراً لحياة الإنسان والحيوان، مشيراً إلى أنه يفقد سنوياً ما بين 5 و15 رأساً من الماشية، نتيجة سقوطها في هذه الآبار المكشوفة.

وتابع : لا ينتهي عام إلا ونسمع بضحية جديدة لهذه الآبار، ففي العام الماضي سقط بها عامل آسيوي يعمل في إحدى مزارع المنطقة، وذلك بينما كان يحاول في ساعات المساء، اختصار الطريق من منزله إلى منزل أحد أصدقائه، وتعرض لإصابة في جسده مع بعض الرضوض في منطقة الراس، جعلة يلزم الفراش لفترة طويلة من الوقت.

ويقول سالم الشامسي صاحب مزرعة: لا زلت أتذكر صورة أحد السائحين، والمواطنون يخرجونه من البئر بعد أن تهشمت قدماه وتعرض لعدة إصابات في جسده، والسؤال هنا: لو كانت البئر مغطاة من جميع الجوانب هل كان سقط الرجل فيها؟ مطالباً الجهات ذات العلاقة بأن تسعى جاهدة لتغطية هذه الآبار وردمها نهائياً.

وأفاد: أنه في أحد الأيام، اكتشف خلال تفقده لعدد الخراف التي يمتلكها، تغيب 3 خراف عن الحظيرة، ليبدأ بعدها البحث عنها هنا وهناك، وبعد رحلة شاقة من العناء واعتصار الألم على ما فقده من خراف، تفاجأ بحادثة سقوطها جميعاً في إحدى الآبار المكشوفة.

من جانب آخر، أوضح خالد الهاجري مدير الامتثال والتطبيق البيئي في هيئة البيئة في أبوظبي، بأن الهيئة ستعمل على تشكيل لجنة بالتعاون مع بلدية أبوظبي لحل مشكلة هذه الآبار المكشوفة، حيث توجد حالياً لجنة مشتركة بين بلدية العين وعدد من الجهات الحكومية منها هيئة البيئة لحل مشاكل الآبار المهجورة.

وأكد خطورة هذه الآبار التي جفت ولم تعد تستخدم على سلامة الإنسان والحيوان، وبالتالي سيتم العمل على حصر هذه الآبار ومعالجة المشكلة بالتعاون مع البلدية، معرباً عن أمله في أن يتم تشكيل لجنة مشابهة مع بلدية أبوظبي، أسوة باللجنة المشكلة مع بلدية العين بخصوص حصر الآبار غير المرخصة أو المهجورة في جميع مناطق العين.

وشدد خالد الهاجري على أنه يتم حالياً التواصل مع بلدية أبوظبي وإبلاغها بالمشكلة وتوفير أي بيانات يمكن أن تسهم في تحديد ماهية هذه الآبار وملكيتها والمشاريع التي بنيت من أجلها، الأمر الذي يسهم في حصر هذه الآبار على أرض الواقع للبدء بإجراءات الردم وفقاً للمعايير والشروط التي وضعتها هيئة البيئة لردم هذا النوع من الآبار غير المستخدمة.

وحول الجهة المعنية بردم تلك الآبار قال خالد الهاجري: إن الهيئة تتولى الإشراف على الآبار العاملة وترخيصها، وعلى سبيل المثال إذا رخصت الهيئة حفر بئر لمشروع معين لجهة ما، فإنه في حال انتهى المشروع تلزم الهيئة تلك الجهة بردم البئر بعد انتهاء المشروع، موضحاً بأنه في حال تلقي الهيئة شكاوى حول وجود هذا النوع من الآبار المكشوفة والمهجورة، فإنها تقوم بتحويلها إلى الجهة المختصة لدراستها وحل المشكلة.

وأكد وجوب التقيد بالإجراءات المتبعة في ما يخص حفر الآبار، مشيراً في الوقت نفسه إلى وجود مخالفات بخصوص حفر الآبار من دون استصدار الترخيص اللازم من قبل الهيئة، ومن ثم هجر البئر في حال الانتهاء من استخدامها.