فريق بحثي من جامعة الإمارات يكتشف الفطر المسبب لمرض اللفحة السوداء والمعالجة الكيميائية على أشجار النخيل


c478772e-67af-47cc-a63f-40ef1c63b8f1

إعداد : د. سنان فهد أبو قمر –  قسم علوم الأحياء، جامعة الإمارات العربية المتحدة.

synanpersonalphoto3

تحت عنوان «المكافحة الكيميائية لمرض اللفحة السوداء على النخيل الناجمة عن المرض الفطري في الإمارات العربية المتحدة»، قام فريق متخصص من قسم علوم الأحياء في جامعة الإمارات العربية المتحدة بإجراء دراسة متخصصة تهدف إلى معرفة المسببات الرئيسية لمرض اللفحة السوداء على أشجار النخيل في دولة الإمارات العربية المتحدة، والعمل على مكافحة الفطر المسبب للمرض، والذي ينتشر بشكل واسع على أشجار النخيل، وذلك باستخدام طرق المكافحة الكيميائية العلاجية.

هذا وستخدم هذه الدراسة التي تم نشرها أخيراً في مجلة علمية دولية مرموقة تعنى بأمراض النبات، المزارعين في دولة الإمارات العربية المتحدة ومنطقة الخليج العربي وغيرها من مناطق إنتاج التمور الذين يعانون من هذا المرض الفتاك.

مسببات المرض:

تشير معظم المراجع العلمية إلى أن الفطريات (fungi) والفايتوبلازما (phytoplasma) من المسببات المرضية الرئيسة المرتبطة بأمراض أشجار النخيل .كما تعتبر فطريات (Thielaviopsis paradoxa) و(Thielaviopsis punctulata) هي المسببات الرئيسية  لمرض اللفحة السوداء  (Black scorch) أو مرض «المجنون»، حيث تتطفل هذه  الفطريات على مجموعة واسعة من أشجار الأناناس وقصب السكر وجوز الهند، بالإضافة إلى نخيل التمر. تنتقل فطريات اللفحة السوداء المرضية عن طريق التربة مسببة أضراراً بليغة، حيث يمكن أن تصيب جميع أجزاء شجرة النخيل في جميع الأعمار وبمساحة جغرافية واسعة النطاق (الشكل رقم 1). وتعد مشكلة مرض اللفحة السوداء من المشاكل الهامة التي تواجه المجال الصناعي لنخيل التمر، حيث تقدر الخسائر بأكثر من 50٪ من فسائل النخيل المزروعة حديثاً. وتمت ملاحظة هذا المرض على أشجار النخيل في كثير من مناطق العالم، بما في ذلك سلطنة عمان والعراق وقطر والمملكة العربية السعودية والكويت وإيران وإيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية. أما في دولة الإمارات العربية المتحدة فلم يلاحظ أي من  نوعي مسببات مرض اللفحة السوداء الآنفة الذكر على نخيل التمر.

555

(الشكل رقم 1 (الأعراض المصاحبة لمرض  اللفحة السوداء على أشجار النخيل .هذه الأعراض تصيب (A) الأوراق،(B)  «انحناء» البرعم  القمي،  و(C) الأشجار كاملة.

طريقة الإصابة:

غالباً ما تكون الإصابة عن طريق اختراق الفطريات المعدية للأوراق، الشمراخ الزهري، قلب النخلة، الجذع أو البرعم القمي من أشجار النخيل، مما يسبب التعفن لهذه الأجزاء بعد إصابتها. وتسبب الإصابة بهذه الفطريات تآكل النبات وموت الأنسجة أيضاً. وتكون الأعراض عادة على شكل الإصابة باللون الأسود، القساوة، وبمظهر مشابه لرماد الفحم. عند ظهور الإصابة بهذه الفطريات على البرعم القمي والقلب، فإنه يتسبب في «انحناء» منطقة الإصابة ويؤدي إلى موت شجرة النخيل مع تقدم الإصابة. الجدير بالذكر أن هذه الفطريات قد لوحظت أيضاً على مختلف أصناف التمور مع الاختلاف في قابلية الصنف للإصابة.

مكافحة الإصابة:

وللحد من الإصابة بمرض اللفحة السوداء، ينصح بتطبيق بعض الممارسات الحقلية التقليدية منها: تجنب جروح الأشجار، تقطيع أشجار النخيل المصابة، إزالتها، وحرقها أيضاً. يمكن علاج الإصابات المبكرة بشكل فعال باستخدام المبيد الفطري (الينوميل)، والمكافحة البيولوجية باستخدام ((Trichoderma أو (Chaetomium). يمكن أيضاً التقليل من الإصابة بفطر اللفحة السوداء  (T. paradoxa)في الحقل عن طريق تطبيق برامج المكافحة المتكاملة (الزراعية والبيولوجية والكيميائية)، حيث تساعد في تخفيض الإصابة بمرض اللفحة السوداء. ونذكر هنا أيضاً، أهمية العلاج  باستخدام المبيد الفطري «سكور» (Score®) من شركة سينجنتا (Syngenta)  ضد فطر T. punctulata)) كممارسة فعالة للحد من الخسائر الاقتصادية المرتبطة بمرض اللفحة السوداء على زراعة النخيل (الشكل رقم 2(.

666

(الشكل رقم 2 (فعالية المبيد الفطري «سكور» ضد فطر (A) – (T. punctulata)  تثبيط الأعراض المصاحبة لمرض اللفحة السوداء على فسائل النخيل، و (B)مؤشر شدة الإصابة للأنسجة المصابة لفسائل النخيل خلال فترة أسبوعين من المعاملة بالمبيد الفطري «سكور» .

ويأتي إنجاز هذه الدراسة انطلاقاً من إيمان فريق قسم علوم الأحياء في جامعة الإمارات بأهمية شجرة نخيل التمر كإحدى أهم نباتات المناطق الجافة وشبه الجافة التي تتحمل الظروف المناخية والبيئية الصحراوية القاسية .حيث تتمتع أشجار النخيل بأهمية خاصة في منطقة البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط وأستراليا والصين وشمال أفريقيا، والمناطق الحارة في الولايات المتحدة الأمريكية نظراً لقيمتها الغذائية والاقتصادية الكبيرة.

بالإضافة إلى الإرث الاجتماعي والتاريخي تؤدي شجرة النخيل دوراً رئيسياً في تثبيت التربة والكثبان الرملية والمحافظة على رطوبة التربة الأمر الذي يساعد على إيجاد التوازن البيولوجي في المناطق الجافة وشبه الجافة، حيث يوجد ما يقارب 5000 صنف من نخيل البلح في العالم، وتعد أصناف البرحي، خلاص، لولو، هلالي وفرض من أشهرها وأكثرها شعبية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك بسبب أنها غنية بالنكهة والمذاق. كما تصنف دولة الإمارات العربية المتحدة كإحدى أكبر الدول المنتجة والمصدرة للتمور وفقاً لإحصائيات منظمة الأغذية والزراعة (فاو).

الجدير بالذكر أنه لم يكن من الممكن تحقيق هذه النتائج الكمية والنوعية من خلال إجراء الدراسة لولا الدعم المالي الحاسم من برنامج جامعة الإمارات العربية المتحدة للأبحاث المتقدمة، ومركز خليفة للتكنولوجيا الحيوية والهندسة الوراثية.

ar_uaeu_signature

 

ترجمة:  د. الان لمنصور – وحدة دراسات وبحوث النخيل والتمور-  مختبر زراعة الأنسجة – العين-  دولة الإمارات العربية المتحدة