تتسلل عبر الحدود الأمراض الحيوانية.. خطرها ومكافحتها والوقاية منها


arabian_oryx

تبذل دولة الإمارات قصارى جهدها في بحث قضية الأمن الغذائي على الصعيدين المحلي والدولي مع دول العالم كافة ومنظمات الأمم المتحدة العاملة في مجالات الدعم الإنساني والإغاثة، لمحاولة القضاء على الفقر والجوع واقتلاع مشكلة تهديد الأمن الغذائي من جذورها، لما لها من تبعات إنسانية ومجتمعية واقتصادية ستؤدي إلى تراجع الإنتاجية، والصحة، ومعدلات الرفاهية، والقدرة على التعليم، ومن أهم قضايا الأمن الغذائي التي يجب أن تبحث وبشكل مكثف، هي الأمراض الحيوانية من حيث تأثيرها في الأمن الغذائي المستدام، وكذلك التسبب في انتقال وظهور أمراض وأوبئة جديدة للبشر.

الخطر العالمي القادم

ويشير الخبراء إلى أنه رغم حدوث مئات الآلاف من الوفيات البشرية بسبب الأمراض التي تنتقل من الحيوان إلى الإنسان، فإن المعلومات لاتزال محدودة عن كيفية انتشار الأمراض التي تنتقل من الحيوان إلى الإنسان، أو كيفية التنبؤ بالتفشي القادم لتلك الأمراض. ويتوقع خبراء الصحة أن الخطر القادم للعالم سيكون مرضاً حيواني المنشأ، حيث أثبتت البحوث أن 60 بالمائة من الأمراض المعدية الموثقة حالياً التي تصيب الإنسان أصلها عدوى من الحيوان إلى الإنسان.

وعلى سبيل المثال للأمراض التي فتكت بالكثير من البشرية، وكان أصلها حيواني المنشأ هو مرض نقص المناعة الحاد (الإيدز)، والذي يقدر ضحاياه بحوالي 1.8 مليون شخص يموتون سنوياً، وقد نشأ أصلاً في القرود.

والمشكلة تكمن في أنه عند انتقال العدوى من الحيوان للإنسان، وبسبب خصائص الوباء الجديد وعدم حدوث عدوى سابقة منه، فإن الوباء لا يجد أي مقاومة من الجسم البشري، ولا يكون سبب الوباء معروفاً، ولا طريقة مقاومة هذا الوباء من قبل الأطباء المتخصصين، وبعد مراحل من البحوث واكتشاف خصائص المرض وطريقة مقاومته يكون الوباء قد قضى على أعداد ليست بالبسيطة من البشر. وخلال القرن العشرين ظهرت ثلاث حوادث لوباء عام كان أبرزها في عام 1918-1919م وسميت الإنفلونزا الإسبانية، حيث كان فيروس الإنفلونزا من نوع H1N1 وتسببت في وفاة نصف مليون شخص في الولايات المتحدة، وما يقرب من 50 مليون نسمة في أنحاء العالم، وأغلب الوفيات حدثت في الأيام القليلة الأولى للإصابة، وانتشرت كل هذه الوبائيات في جميع أنحاء العالم خلال سنة واحدة من بداية ظهورها. ثم ظهرت الإنفلونزا الآسيوية في عام 1957-1958م وتسببت في وفاة ما يقرب من 70000 شخص في الولايات المتحدة وحدها. وظهرت بعد ذلك إنفلونزا هونج كونج عام 1968-1969م من نوع H3N2 وتسببت في مقتل34000 شخص في الولايات المتحدة.

وبسبب زيادة اقتراب الإنسان من الحيوان، إما للتجارة والتغذية، أو للرفاهية كحيوانات الزينة، تزداد حدة الأزمة، حيث زاد اقتناء البشر للحيوانات الأليفة دون الانتباه للخطر الذي يمكن أن يسببه اقتناؤها والتعامل معها بشكل يومي، وجعلها تسكن منازلنا وترقد في فراشنا وكذلك احتكاكها المباشر مع الأطفال، لذا نود أن ننوه إلى ضرورة اتباع أقصى درجات الوقاية والفحص الدوري لهذه الحيوانات لدى الأطباء المتخصصين، للتأكد من خلوها من أي أمراض معدية، والتنبه جيداً لأي تغيرات في سلوك وصحة الحيوانات التي تسكن منازلنا لتفادي حدوث أي عدوى.

الأمراض الحيوانية المنشأ

تتطلب المكافحة والسيطرة على انتشار الأمراض الحيوانية المنشأ، والتي تنتقل عبر الحدود، جهوداً أكبر وتعاوناً بين الدول، حيث تمثل هذه الأمراض أهمية كبيرة في النواحي الاقتصادية وقضايا الأمن الغذائي لعدد كبير من بلدان العالم، وتصل أحياناً إلى أبعاد وبائية تهدد حياة البشر أنفسهم.
خصائص الأمراض الحيوانية التي تنتقل عبر الحدود

  • سرعة الانتشار.
  • القدرة على القضاء على الكثير من قطعان الحيوانات في فترة وجيزة.
  • ظهور أنواع جديدة من العدوى والأوبئة لم تكن موجودة من قبل.
  • صعوبة التنبؤ بظهورها وطريقة انتشارها.

الإجراءات الوقائية الدولية للأمراض التي تنتقل عبر الحدود

تواجه الدول تحديين في مسألة المكافحة والحد من الأمراض الحيوانية المتسللة عبر الحدود، الأول يتمثل في حماية المخزون الاستراتيجي لديها من الثروة الحيوانية من الأمراض المتسللة مع الحيوانات المستوردة من الخارج، والثاني هو الانفتاح على التجارة العالمية وسد متطلباتها من السلع الاستهلاكية والترفيهية للشعوب.

لذا يجب الانتباه جيداً للمؤشرات التي تدل على تفشي وباء جديد يؤدي إلى ارتفاع معدلات النفوق في الحيوانات بشكل فجائي، ووفقاً لتوصيات المنظمة العالمية للصحة الحيوانية، ضرورة الإبلاغ الإلزامي عند الاشتباه في تفشي وباء جديد بين الحيوانات بغض النظر عن الاعتبارات التجارية، وضرورة اتباع الإجراءات الوقائية التالية:

  • ضرورة عزل الحيوانات المشتبه بها، وعدم التعامل معها بطريق مباشر.
  • إبلاغ الجهات المعنية والإدارات البيطرية.
  • سرعة التشخيص المخبري للوباء.
  • تأكيد الإصابة بالمرض.
  • سرعة تطبيق خطة الطوارئ.
  • تطبيق أقصى درجات الأمان والفعالية في الحجر الصحي.

تصنيف الأمراض الحيوانية المنتقلة عبر الحدود
تصنف الأمراض الحيوانية المنتقلة عبر الحدود من قبل نظام الطوارئ للوقاية من الأمراض والآفات الحيوانية والنباتية إلى ثلاث فئات هي :

  • الأمراض الوبائية ذات الأهمية الاستراتيجية، وتحتل المرتبة العليا من ناحية الأهمية على النطاق العالمي مثل إنفلونزا الطيور والحمى القلاعية.
  • الأمراض التي تتطلب اهتماماً تكتيكياً على المستويين الإقليمي والعالمي، مثل مرض حمى الوادي المتصدع وطاعون المجترات الصغيرة ومرض النيوكاسل.
  • الأمراض حديثة النشوء.
    طرق انتقال الأمراض الحيوانية عبر الحدود

الاستيراد من الخارج مع صعوبة تنفيذ الحجر الصحي.

  • تهريب الحيوانات، وأغلبها حيوانات الزينة، من دون إخضاعها للتدقيق الصحي.
  • الطيور المهاجرة والحيوانات البرية.

الآثار التي تترتب على انتشار الأمراض الحيوانية المنتقلة عبر الحدود:

تهديد الأمن الغذائي بطرق مباشرة بسبب نفوق الحيوانات، أو انخفاض كفاءة إنتاج اللحوم والألبان والبيض، أو إحداث العقم أو تأخر التناسل وبالتالي قلة المواليد.

  • الانعكاسات السلبية على الموازنة العامة للدولة، من جراء الأمراض الحيوانية العابرة للحدود، فتدابير المكافحة تنطوي بصفة عامة على مجالات إنفاق مكلفة تشمل الفحص والرصد وتكاليف العلاج.
  • الاضطرابات في حركة الصادرات الحيوانات الحية ومنتجاتها بسبب التدابير التي تفرضها الدول المستوردة.
  • إعاقة الجهود المبذولة لتحسين القدرات الإنتاجية عن طريق إدخال السلالات الأجنبية ذات الإنتاجية العالية، والتي تمتلك مقاومة ضعيفة نسبياً للأمراض العابرة للحدود وتضييق فرص الاستثمار.
  • النتائج السلبية على الصحة العامة في حالة الأمراض المشتركة بين الحيوان والإنسان.
  • النواتج السلبية على البيئة وصحة الغذاء، بسبب المواد الكيميائية المستخدمة في مكافحة الأمراض، وتراكم المواد ودخولها السلسلة الغذائية.
  • التأثير في تنمية المجتمعات الريفية التي تعتمد على السلع الحيوانية كمصدر للدخل بزيادة معدلات الفقر.
    استراتيجية مكافحة الأمراض الوبائية

تهدف استراتيجية مكافحة الأمراض الوبائية المنتقلة عبر الحدود إلى تحقيق الأهداف التالية:

  • الحد من خطورة الأمراض الوبائية واستئصالها، وحماية السلالات المحلية من الآثار السالبة لها.
  • إزالة الآثار الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن الأمراض الوبائية.
  • خفض نسب النفوق في الحيوانات.
  • تطوير أدوات ووسائل المكافحة من خلال تأهيل الخدمات البيطرية الحقلية، ورفع كفاءة التشخيص المخبري وإنتاج اللقاحات والأمصال البيطرية.
  • إجراء البحوث التطبيقية والإرشاد البيطري، والاهتمام بتنظيم حركة الحيوانات عبر الحدود الدولية.