نبات الكينوا وزراعته في دولة الإمارات العربية المتحدة


1232

حظي نبات الكينوا (اسمه العلمي Chenopodium quinoa Willd) في الفترة الأخيرة باهتمام بالغ على مستوى العالم بصفته أحد المحاصيل الزراعية الصناعية المتعددة الاستخدامات حيث يمكن زراعته في ظروف قاسية للغاية من التربة والمناخ. يعد الكينوا أحد النباتات الملحية الاختيارية حيث يمتاز بقدرات تحمل هائلة نظرًا لقدرته على التكيف مع مستويات الملوحة التي تصل إلى ملوحة مياه البحر. ويمكن زراعة هذا النبات في التربة الفقيرة بما في ذلك التربة الرملية تمامًا وفي البيئات التي تهطل عليها الأمطار بمعدل سنوي لا يزيد عن 200 مم.

ويُعد الكينوا أحد أكثر المحاصيل الزراعية المفيدة غذائياً المعروفة حتى الآن. حيث تحتوي بذور هذا النبات على بروتينات عالية الجودة غنية بالأحماض الأمينية الضرورية إضافة إلى المتيونين والثريونين التي تعد نادرة في محاصيل الحبوب والبقوليات. وفي ضوء خصائصها الغذائية الاستثنائية وقدرتها على النمو في البيئات الهامشية، أعلنت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة أن الكينوا أحد النباتات التي ستلعب دورًا مهمًّا في ضمان الأمن الغذائي بل ووصل الأمر إلى إطلاق لقب (عام الكينوا) على العام 2013 على مستوى العالم.

كما يشهد الطلب على الكينوا ارتفاعًا شديدًا متزايدًا وخاصة في قطاع الأغذية الصحية، ولكن المعروض منه حاليًّا لا يستطيع تلبية كل هذه الطلبات. وإضافة إلى استخدامه للاستهلاك البشري، فإن حبوب الكينوا لها استخدامات أخرى كغذاء للماشية والدواجن. كما يُستخدم النبات بأكمله كعلف أخضر في حين تُستخدم بقايا الحصاد كعلف للحيوانات.

الكينوا هو محصول متعدد الأغراض، يزرع أساساً لخلوه من الغلوتين وللحصول على بذوره ذات القيمة الغذائية المرتفعة والغنية بالبروتين والعناصر الأساسية. ينتج بذور ذات قيمة غذائية مرتفعة بنسبة بروتين تقدر بحوالي 13٪ كما أن تركيب الحمض الأميني فيه أكثر توازناً من القمح بحيث يمكن اعتباره من المحاصيل الواعدة في توفير الأمن الغذائي مستقبلاً.

موطنه الأصلي منطقة جبال الأنديز بأمريكا الجنوبية، ويعتبر من محاصيل الفصول الباردة. لكنه يتأقلم بشكل كبير مع مختلف البيئات فيمكن زراعته في المناطق ذات التربة الهامشية الفقيرة بمياه الأمطار بالإضافة يتحمل درجات ملوحة تصل إلى تركيز 40 ديسيسيمنز/م.

يمكن أكل بذوره كحبوب الإفطار، وفي صنع الحساء، وفي مكونات المشاريب، بالإضافة إلى استخدامها كعلف للحيوانات. وتحتوي أجزاءه الخضرية الغضة التي يتم حصادها في فترة الإزهار على نسبة بروتين خام تتعدى 22٪ فتستخدم كعلف للماشية.

مدى ملاءمة الكينوا لبيئة الإمارات؟

يتحمل الجفاف وذو احتياجات مائية منخفضة، حيث قُدرت احتياجاته المائية عند اختباره في محطة أبحاث المركز الدولي للزراعة الملحية “إكبا” في دبي بحوالي 255 مم فقط. كما أنه يتحمل الري بالمياه المالحة.

أعطى الكينوا إنتاجية أفضل كمحصول شتوي عند زراعته في فصل الخريف (سبتمبر/أكتوبر) ضمن تجارب “إكبا”.

بلغ الحد الأقصى لمحصول البذور في تجارب المركز الدولي للزراعة الملحية حوالي 2,6 طن بالهكتار وهو معدل أعلى بكثير من متوسط الإنتاج العالمي البالغ 700 كغم بالهكتار، ويعادل الإنتاجية عند زراعته بالظروف المثالية وإضافة المحسنات الزراعية.

علاقة المركز الدولي للزراعة الملحية بنبتة الكينوا؟

يرجع تاريخ دراسة الكينوا في المركز الدولي للزراعة الملحية إلى العام 2005 كمحصول بديل في المناطق الملحية في منطقة شبه الجزيرة العربية وأتت الدراسات بنتائج مبشرة للغاية، وذلك على الرغم من أن الأصول الجغرافية لهذا النبات تعود إلى مرتفعات جبال الإنديز.

وأجرى المركز الدولي للزراعة الملحية، ضمن المشروع المشترك مع مركز خدمات المزارعين في أبوظبي، دراسة حول أداء بعض البذور الزراعية في المزارع النموذجية في المنطقة الغربية من إمارة أبوظبي، حيث كانت درجة الملوحة في مياه الري تترواح بين 13- 18 ديسيسمنز/م. وفي الواقع، عززت بيانات الكتلة الحيوية عن إنتاجية البذور الواردة من هذه التجارب (حوالي 4 طن بالهكتار) النتائج التي يبشر بها نبات الكينوا كمحصول متعدد الاستخدامات وصالح للزراعة حتى في المناطق المتأثرة بالأملاح.

ويُجري المركز الدولي للزراعة الملحية حاليًّا تقييمٌا لأداء نبات الكينوا في اليمن وست دول أخرى، في إطار المشروع المشترك حول “التكيف مع التغيرات المناخية في البيئات الهامشية في غرب آسيا وشمال أفريقيا من خلال التنويع المستدام للمحاصيل والثروة الحيوانية”، الذي يموله كلًّا من الصندوق الدولي للتنمية الزراعية والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي وصندوق الأوبك للتنمية الدولية إضافة إلى عدد من الجهات الممولة الأخرى، حيث تعتبر النتائج المبدئية مبشرة للغاية.

أهم التحديات التي تواجهونها أو التي علينا تخطيها لتكثيف إنتاج الكينوا في المناطق الهامشية؟

كما يتعلق بأي محصول جديد آخر، تتمثل أحد العوامل الأساسية لطرح فكرة زراعة الكينوا في ظل أجواء جديدة في تحديد الأصول الزراعية المناسبة. وحتى الآن، فإن زراعة الكينوا تقتصر إلى حد كبير على منطقة الإنديز ولا تتوفر الكثير من المعلومات حول التأثيرات البيئية والجينية على الإنتاجية وخاصة في ظل الظروف المناخية الصحراوية.

لذلك يبدو من الأهمية بمكان دراسة التكيف والإمكانيات الإنتاجية للعديد من الأنواع الجينية من مختلف المصادر وذلك لاختيار الأنواع الجينية الواعدة والمناسبة للظروف الزراعية المناخية المحلية.

ومن المهم أيضًا الحصول على المعلومات الخاصة بهذه الجوانب وتقييم الجدوى الاقتصادية من زراعة الكينوا، وخاصة في ظل زراعته في الظروف غير المواتية تمامًا كما هي الحال في المناطق الهامشية.

ومن المقرر أن يواصل المركز الدولي للزراعة الملحية أبحاثه على هذا النبات، مع التركيز على تقييم الإنتاجية في أنواع مختلفة من التربة باستخدام مياه ري متنوعة من حيث الجودة وذلك للتعرف على أنواع الكينوا المقاومة لظروف التملح والحرارة ذات الإنتاجية العالية والتي تناسب زراعتها في المناطق الهامشية وذلك بالتنسيق مع وزارة البيئة والمياه في دولة الإمارات العربية المتحدة، والمعهد الوطني للابتكار الزراعي وجامعة أجراريا لا مولينا الوطنية في البيرو التي أعربت عن رغبتها في التوسع في إنتاج الكينوا بهدف استغلال الأراضي الهامشية.