مزارعون: تحقيق الأمن الغذائي يتطلب القضاء على العقبات التي تواجه نمو القطاع الزراعي في الدولة


%d9%85%d8%ad%d9%85%d8%af-%d8%b1%d8%a7%d8%b4%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%b9%d9%8a%d9%85%d9%8a

ما بين صعوبات وتحديات ومتطلبات من أجل إنجاح مشاريعهم، يعيش المزارعون فترات صعبة في مسيرة تنفيذ واستقرار مشاريعهم الزراعية، حيث تعد التحديات المائية من أبرز المعوقات في طريق التطور الزراعي.

ويواجه المزارعون في الدولة تحديات تتمثل في قلة المياه وملوحتها، وارتفاع درجات الحرارة، والبيئة الصحراوية، وارتفاع فاتورة الكهرباء، وصعوبة التسويق، إلى آخرها من الصعوبات التي تضع على عاتق الجهات ذات العلاقة بالقطاع الزراعي مسؤولية تشجيع المزارعين، ودعمهم ونشر الوعي حول كيفية تخطي هذا التحديات من مشكلات بيئية، وتعريفهم بالتقنيات الأكثر توفيراً للمياه.

ورغم الدور الذي تلعبه الجهات المسؤولة مثل جهاز الرقابة الغذائية ومركز خدمات المزارعين من خلال تعريف المزارعين بالطرق الزراعية الملائمة لطبيعة المناخ والتربة، وما هي مستلزمات البيئة الزراعية، مع التركيز على طرق وتقنيات ترشيد استهلاك المياه، وزراعة محاصيل يكثر الطلب عليها في السوق، إلا أن المزارعين مازالوا بحاجة الى دعم أكبر، وذلك في ظل المشاكل والعقبات التي يواجهونها بشكل دائم وتحتاج إلى حلول جذرية لا مؤقتة.

ومع ذلك ورغم كل الصعوبات التي تواجه المزارعين، إلا أنهم مصرون على التمسك بمشاريعهم الزراعية حتى لو كانت بسيطة، ويناشدون كل صاحب قرار بإعادة الدعم لكل مزارع، وذلك لصالح الدولة وأمنها الغذائي، حيث لا يمكن لأي دولة أن تعتمد على الاستيراد في ظل أية ظروف طارئة، وهنا يكون تشجيع الأنماط الزراعية بكل أنواعها شأناً مهماً، لأن الإنتاج الزراعي المحلي والاهتمام بالزراعة يعمّ خيره على أسرة المزارع وأبنائه، وكل من شاركهم العمل.

توازن في عملية الاستيراد الخارجي

أشار ناصر خليفة الطنيجي -المزارع في إمارة عجمان- إلى وجود العديد من التحديات التي تواجه المزارعين بشكل عام، أبرزها قلة المياه وملوحتها وكبريتية الطعم والرائحة، إضافة إلى ارتفاع فاتورة الكهرباء، كما أشار الطنيجي الذي يعمل في مجال الزراعة التقليدية إلى أنه يتم التعامل مع أصحاب المزارع على أنهم أصحاب مشاريع تجارية، ويجب أن تحسب له التعرفة على هذا الأساس، مع أنه من المفروض أن يتم دعم المزارع.

أما بخصوص التربة فهي فقيرة الإمكانيات، ونعمل على التغلب على هذه المشكلة من خلال استخدام الأسمدة العضوية أو غير العضوية وبما توفره لنا وزارة التغير المناخي والبيئة من دعم من البذور والأسمدة وأدوية مكافحة الآفات رغم قلتها ومحدوديتها في كثير من الأحيان.

وبحسب الطنيجي إن أكثر ما يعاني منه المزارع وهو بيت القصيد، يتمثل في استيراد خضراوات وفاكهة من كثير من الدول وبشكل يؤدي إلى إغراق السوق بجميع الخضراوات، الأمر الذي يضطر المزارع إلى بيع محصوله بسعر بخس جداً، وفي أغلب الأحيان لا يجد من يشتريه، لأن هناك وفرة في العروض وبأقل الأسعار، مما يكبد المزارع الكثير من الخسائر، سواء المادية أو المعنوية، الأمر الذي يؤدي إلى قيام بعض المزارعين بهجرة المهنة والاتجاه لأعمال أخرى، كل ما سبق يفرض على الجهات المسؤولة عن الاستيراد أو أصحاب القرار بهذا الشأن، أن يكون هناك توازن في عملية الاستيراد، وخاصة خلال موسم الزراعة في الإمارات، إلى جانب ضرورة قيام الجهات المختصة في الدولة بتوعية المزارع بما يحتاجه السوق، لكيلا يكون هناك نقص في المعروض.

وفي سياق متصل أكد الطنيجي أنه يتمنّى أن تقوم الجهات المختصة بوضع خطة استراتيجية واضحة المعالم خاصة بالقطاع الزراعي ودعم المنتج المحلي من المحاصيل الزراعية، وعدم إغراق السوق بالمنتجات الخارجية، وبتضافر الجهود نستطيع خلق بيئة مثالية للزراعة في الدولة وتحقيق الاكتفاء الذاتي نوعاً ما، وصولاً إلى تحقيق الأمن الغذائي الذي بات غاية ملحة في الوقت الراهن.

افتقاد الخبرة وضرورة التوعية
%d9%8a%d9%88%d8%b3%d9%81-%d8%b3%d9%84%d9%8a%d9%85-%d8%ad%d9%8a%d8%af%d8%b1-2

من جانبه أكد المزارع يوسف سليم حيدر -المزارع في وادي العمردي/ دبي- أن هناك الكثير من التحديات التي تواجه نمو القطاع الزراعي في الدولة،

وفي مقدمتها تكليف مزارعين بسطاء برعاية المحاصيل والإشراف عليها وهم عادة ما يفتقدون الخبرة وشح المعلومات التي تؤهلهم للكشف عن الآفات التي تواجههم بشكل مبكر، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى تفشي الآفة وخروجها عن السيطرة وأكبر مثال على ذلك: الآفات التي تصيب أشجار النخيل مثل آفة سوسة النخيل وحفار الساق وحفار العذوق وغيرها. إلى جانب أنه في بعض الحالات نجد أن المشرفين على المزرعة لا يعرفون الفرق بين هذه الآفات ويعتبرونها آفة واحدة، وقد يستخدمون طريقة واحدة للمكافحة، لظنهم أنها الطريقة الصحيحة، مما يؤدي إلى انتشار الآفة وخروجها عن السيطرة.

في السياق ذاته أشار حيدر إلى أنه في معظم المزارع هناك اتجاه لاستخدام أجهزة التناضح العكسي لتحلية المياه، والتي تلعب دوراً كبيراً في تحلية المياه، ولكن في الوقت نفسه ينتج عنها مياه عالية الملوحة ومعظم المزارعين لا يتخلصون من هذه المياه المالحة بشكل صحيح، مما قد يؤدي إلى الإضرار بالبيئة والمياه الجوفية.

ودعا حيدر الذي يعمل في مجال الزراعة التقليدية التي تضم زراعة أشجار النخيل وبعض أصناف الفواكه والخضراوات على مساحة تقارب 60 دونماً، الجهات المسؤولة لتكثيف جهودها المشكورة بتوعية المزارعين بالفرق بين الآفات المختلفة التي تصيب أشجار النخيل، لأن الكشف المبكر عن الآفة بشكل صحيح يؤدي بدوره إلى اتخاذ إجراءات المكافحة الصحيحة للحد من انتشار الآفة، لأن الآفة إن لم يتم مكافحتها بشكل صحيح قد تؤدي إلي إصابة المزارع المجاورة، وخاصة في أشجار النخيل التي تعتبر ثروة قومية.

من جانب آخر، أكد حيدر ضرورة توفير حملات توعية بمخاطر خطوط المياه المالحة التي تنتج عن أجهزة تحلية المياه في المزارع، وتوفير طرق آمنة للتخلص من هذه المياه عن طريق توفير صهاريج لنقلها إلى البحر أو إلى أماكن بعيدة أو عن طريق توفير شبكة صرف لهذه المياه. مؤكداً في الوقت ذاته أهمية توفير حملة توعية بمخاطر استخدام المبيدات الكيميائية، حيث إنها تضر الكائنات الحية المسالمة التي تعيش في محيط المزارع، ونرجو تشجيع استخدام المكافحة عن طريق الأعداء الحيوية بدلاً من الكيميائية.

 

صعوبة التسويق أكبر العقبات

في سياق متصل أكد المزارع محمد راشد النعيمي -مزارع في منطقة الحلوة 2/ عجمان- والذي ينتهج أسلوب الزراعة المائية (هيدروبونيك) منذ عام 2010 بنسبة 85% من مساحة المزرعة ولايزال، لكونه يوفر في استهــلاك ميـاه الــري بنسبة 75 – 80% والتقليل من استخدام المبيدات السامة على المحاصيل وتحقيق ما يسمى بالزراعة النظيفة. أكد أن صعوبة تسويق المنتجات الزراعية، وعدم وجود مرشدين زراعين مختصين في الزراعة المائية. من أهم الصعوبات التي تواجه المزارعين إلى جانب افتقاد الدعم الزراعي الذي يتم تخصيصه للزراعة المائية للمواصفات المطلوبة مثل (الأسمدة – والبذور) كما يكون التوزيع متأخراً عن الموسم الزراعي، الأمر الذي يعيق المزارعين عن البدء بزراعتهم الموسمية.

%d9%85%d8%ad%d9%85%d8%af-%d8%b1%d8%a7%d8%b4%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%b9%d9%8a%d9%85%d9%8a

ويؤكد النعيمي أن هناك حاجة ماسة لتوفير الأسمدة الخاصة بالزراعة المائية الجيدة التي تخدم المزارع. إلى جانب ضرورة توفير بذور جيدة مجربة من قبل مراكز الأبحاث الخاصة بوزارة التغير المناخي والبيئة قبل توزيعها على المزارعين. مشيراً إلى ضرورة توفير مرشدين زراعين متخصصين في الزراعة المائية. مع ضرورة دعم ومساعدة أصحاب المزارع على تسويق منتجاتهم في السوق المحلي وتحقق منها الاكتف