الرعي الآمن للإبل وكيفية حمايتها من النفوق المفاجئ


maxresdefault

إعداد الدكتور عبدالله أسامة

تحظى الإبل بمكانة خاصة في مجتمعاتنا العربية، ولذلك نجد أن القرآن الكريم قد ذكرها في سورة الغاشية، حيث قال تعالى: {أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت} الآية رقم (17).

للتحدث عن الإبل ورعيها فإننا أولاً يجب أن نتحدث عن الإبل في منطقتنا العربية بشكل عام وفي دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل خاص، فحسب الإحصائيات الأخيرة لمنظمة الأغذية والزراعة الدولية (FAO) فإن حوالي 65% من تعداد الجمال في العالم موجود في الوطن العربي.

لقد اكتسب الجمل شهرته (سفينة الصحراء) نتيجة قدرته الفائقة على تحمل العطش لفترات طويلة في الصحارى الجافة، وفي الأوقات الحارة من السنة، ولقد أظهرت التجارب أن السفينة التي تمخر عباب رمال الصحراء يمكن أن تفقد مقدار (35%) من ماء جسمها في الجو الحار دون أن تصاب بالجفاف Dehydration في حين تهلك العديد من الحيوانات الثديية إذا فقدت 20% من ماء جسمها.

تعتبر الجمال من الحيوانات المؤهلة لأن تصبح مصدراً للحليب واللحم، وخاصة في المناطق الجافة التي لا يتوافر فيها الغطاء النباتي بشكل وفير، حيث إن الجمال لديها القدرة على تحويل النباتات الشوكية التي لا تحتوي على الحد الأدنى من المكونات إلى منتجات غذائية ذات قيمة عالية.
والجمال يلزمها في المتوسط من ست إلى ثماني ساعات يومياً في المراعي، وهذه تحتاج إلى ست ساعات إضافية للاجترار، ومن عاداتها في الرعي صغر حجم القضمة الواحدة من النبات الواحد بسبب شفتها (ذات الشق) مع عدم تركيز المرعى في منطقة محددة، وهذا الأسلوب من الرعي مهم جداً في المحافظة على المراعي من التدهور نتيجة الرعي الجائر.

إن نمط الرعي في الجمال لا يكون في مناطق دائرية أو شبه دائرية حول نقاط مياه الشرب كما في الأبقار، ولكنه يتم بشكل مدارات طويلة بين عدد من نقاط المياه مع دائرة منسقة حول كل نقطة ماء، وتتحدد فترة الرعي في كل منطقة على وفرة الغذاء، وليس على وفرة المياه، وهي في هذه الصفة أيضاً تختلف عن غيرها من الحيوانات، مما سمح لها بالرعي في مناطق أوسع، وبالتالي تكون لها فرصة أكبر للحصول على الغذاء اللازم.

مميزات تربية الجمال:

  1. تتحمل الظروف البيئية القاسية.
  2. مصدر لإنتاج الألبان ذات القيمة الغذائية العالية.
  3. مصدر لإنتاج اللحوم الحمراء.
  4. القدرة الفائقة على التأقلم والمعيشة والإنتاج تحت الظروف المتباينة.
  5. مقاومة الأمراض.
  6. أنسب الحيوانات المزرعية ملاءمة للبيئة الصحراوية.
  7. القدرة العالية على رعي النباتات الصحراوية ذات القيمة الغذائية المنخفضة.
  8. رعي النباتات الملحية.
  9. تتحمل قلة مياه الشرب لفترة قد تصل إلى 15 يوماً.

ما هو الرعي الآمن للإبل؟

الرعي الآمن للإبل: هو حفاظ المواطنين على الإبل كثروة اقتصادية للفرد وللمجتمع وللدولة من المشاكل التي يمكن أن يتعرض لها الجمل أثناء رعيه في مراعيه من أخطار قد تودي بحياته أو حياة ما حوله، أو أي أمراض قد تحدث له نتيجة سوء نوعية المراعي، مما يؤثر سلباً في العملية الاقتصادية لتربية الإبل، وبالتالي نفور الرعاة من تربية الإبل.

ولذلك فإن الرعي الآمن للإبل يعتمد على شقين أساسيين وهما:

جهود الدولة المبذولة لوقف الرعي الجائر وللحفاظ على المراعي والنباتات الطبيعية، حيث تمنع الدولة رعي الجمال في مناطق المحميات الطبيعية، والتي تتسم بوجود نباتات نادرة ومعرضة للانقراض وللحفاظ على الثروة الحيوانية النادرة في تلك المناطق.

وتقوم الدولة أيضاً بالحفاظ على سلامة المواطنين من الحوادث التي تنتج عن الجمال السائبة في الشوارع المتاخمة للمزارع وأماكن الرعي، وذلك عبر وضع الحواجز الفاصلة بين المراعي والطرق المستخدمة من البشر، وكذلك عمل ممرات لعبور الجمال من منطقة لأخرى بشكل آمن وبعيداً عن تعريض حياة البشر للخطر، وفي ذلك فإن دولة الإمارات العربية المتحدة تسعى وبشكل دائم لتطوير الطرق والممرات اللازمة للحفاظ على حياة المواطنين أولاً، والحفاظ على الثروة الاقتصادية للإبل ثانياً.

وعليه تقوم الدولة بعمل ما يأتي:

  • سنّ الأحكام لتيسير تنقل القطعان.
  • التقسيم العادل للأراضي لتجنب النزاع.
  • توجيه قانوني للمجتمعات المحلية لإرشادها من خلال القنوات المباشرة وغير المباشرة وتوعيتها بحقوقها ومسؤولياتها.

 الشق الثاني وهو الراعي أو صاحب الحلال: فيجب على الراعي أو صاحب الحلال أن يكون متابعاً دائماً لقوانين الدولة الجديدة وصاحب معرفة تامة بأماكن الرعي المحددة، وكذلك صاحب دراية بنظم وطرق تربية الإبل، وأن يكون ارتباطه بالإبل ارتباطاً وثيقاً منذ الصغر، ولهذا فإن الإبل دائماً ما ستنساق له وتسمع كلامه في أي وقت، مما يؤدي إلى اتباعه والتقليل من مخاطر توجهها إلى الطرق ومناطق الرعي المحظورة.

ما هي سلبيات الرعي العشوائي؟

أولاً- الإفراط في استخدام موارد المياه:

  • يعتبر الحصول على المياه أحد العوامل المقيدة لدى تحديد حجم القطعان بالنسبة لكثير من الأفراد والمجتمعات، ولا سيما في الأراضي الجافة.
  • وعلى ذلك فإن هناك مخاطر شديدة من أن يؤدي التنافس على المياه إلى الإفراط في استخدامها، وينطبق ذلك على وجه الخصوص لدى النظر في الاحتياجات الإضافية للحياة البرية.

ثانياً- الرعي الجائر:

  • يمكن أن يحدث الرعي الجائر نتيجة للزيادة في عدد السكان وأحجام القطعان، فمع ازدياد عدد السكان تقل المراعي نتيجة للتمدد العمراني، ومع ازدياد حجم القطعان يزداد الرعي الجائر لتلك القطعان كنتيجة عكسية لنقص المراعي الأصلية لها.
  • وتشمل تأثيرات الرعي الجائر فقدان الغطاء النباتي واختفاء بعض أنواع النباتات النادرة أو المهددة بالانقراض من المنطقة.

ثالثاً- الصراع بين الحيوانات والحياة البرية:

  • يمكن أن تحدث الصراعات بين الحيوانات والحياة البرية في النظم الرعوية عندما تتنافس الحيوانات مع حيوانات الرعي الأخرى على المياه والأعلاف.
  • يميل الصراع مع حيوانات الرعي الأخرى إلى أن يكون أكثر وضوحاً في فترات الإجهاد مثل الجفاف عندما يكون من الشائع قيام الرعاة بنقل قطعانهم إلى المناطق المحمية بحثاً عن المياه والأعلاف.

رابعاً- شرود أفراد القطيع من منطقة الرعي إلى الطرق السريعة والمناطق العمرانية:

  • وعنه تنتج الحوادث المؤلمة نتيجة شرود بعض الجمال من القطيع للعبور من منطقة إلى أخرى للبحث عن مكان رعي أفضل عبر الطرق السريعة، مما يؤدي إلى اصطدام الجمال بالسيارات السريعة، وقد تكون النتائج كارثية نتيجة إزهاق الأرواح والخسائر الاقتصادية.

ما هي الأسس الصحيحة في عملية رعي الإبل؟

من طبيعة الإبل كحيوانات مستأنسة أنها تستجيب فوراً لراعيها أو مالكها وتلبي النداء، فالإبل معروف عنها الطاعة لصاحبها وراعيها، فهي تستجيب فوراً له وتلبي نداءه دون أن تتردد مهما كان عدد أفراد القطيع كبيراً، لذا فإن الاعتماد الأول والأساسي في رعي الإبل الآمن هو على الراعي وصاحب الحلال، وذلك لأن القطيع دائماً وأبداً ما يكون مرتبطاً به، فالإبل إذا كانت تشرب أو ترعى وسمعت النداء من صاحبها أو راعيها وغالباً ما يكون النداء خاصاً بها تتعود على سماعه منذ الصغر فبمجرد سماعها للنداء تتوقف عن الشرب والرعي ولو كانت عطشى وفي أول شربها، أو جوعى، ثم تلتفت الى مصدر الصوت وترد عليه بصوت مميز تعبر فيه عن طاعتها واستجابتها للنداء ثم تتحرك على الفور باتجاه صاحبها.

ومن هنا إذا أردنا أن نحافظ على الإبل فيجب علينا توعية وتثقيف الرعاة وأصحاب الإبل بشكل دائم، وذلك حتى نحافظ على تلك الثروة من الضياع وفقدانها مما يسبب الخسائر الاقتصادية والمادية.

من أسس عملية رعي الإبل معرفة أنظمة تربيتها وتقدير الطبيعة المحيطة بها لاختيار أفضلها وأكثرها أمناً لتربية ورعي الإبل بشكل صحيح، ولذلك يمكن أن نقول إنه يوجد ثلاثة أنواع من نظم تربية الإبل وهي:

النظام الرعوي الانتشاري:

وينتشر هذا النظام في معظم مناطق الوطن العربي الجافة وشبه الجافة. ويتحدد هذا النوع من نظم التربية حسب احتياجات الإبل للرعي الطبيعي والماء والمساحات الشاسعة المفتوحة والتي تتأثر بالعوامل الطبيعية، وفيه يتحرك الراعي بالقطيع كاملاً وراء المرعى الخصيب ومصادر المياه.

نظام التربية شبه المكثف:

ويتم تحديد هذا النظام بأن يستأجر المالك (صاحب الحلال) رعاة لمرافقة الإبل والإشراف على رعايتها.

نظام التربية المكثف:

يتحدد هذا النظام باستقرار القطيع واستخدام المواد الزراعية وإعطاء الأعلاف المركزة في مناطق استقرار هذه القطعان.

ما هو المطلوب من أصحاب الإبل للحفاظ على قطعانهم من النفوق المفاجئ؟

يعتبر وضع ودعم تدابير إدارة المخاطر أداة هامة من أدوات الحفاظ على الإبل من النفوق المفاجئ، وهناك طرائق مختلفة لإدارة المخاطر.

ولذلك مطلوب من إدارة المخاطر في البيئة الرعوية أن تراعي ما يلي:

  1. تستفيد من ممارسات إدارة المخاطر التقليدية. (الحوادث، الممرات غير الآمنة، الطرق المفتوحة).
  2. توفير الحصول على المعلومات بشأن المخاطر المتوقعة مستقبلاً.
  3. النظر إلى عوامل الضعف على أنها قضية اقتصادية واجتماعية وثقافية.
  4. تقييم المخاطر ضمن إطار مرونة النظم الأيكولوجية ومقاومتها.
  5. النظر إلى المخاطر على أنها تتغير بمرور الوقت.