دودة البلح الصغرى – الحميرة


1

 

دودة البلح الصغرى (الحميرة)، من الحشرات الهامة التي تصيب أشجار النخيل، في مناطق مختلفة من العالم، وتسبب أضراراً بالغة للمحصول، وبخاصة في المناطق الرطبة والساحلية، في بعض السنوات في حال عدم الوقوف في وجهها، ومكافحتها بالشكل الصحيح، ويطلق على هذه الحشرة العديد من التسميات، ومنها، الحميرة، الحميراء، لافحة الثمار، الحتت، الحشف.

%d8%af-%d8%a7%d8%ad%d9%85%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d8%b9%d9%88%d8%af

إعداد الدكتور / أحمد حسين السعود

 

الحشرة الكاملة

فراشة من حرشفية الأجنحة، صغيرة الحجم، يبلغ طول الأنثى 11-14 ملم، لونها أبيض مائل للصفار، المسافة بين طرفي الجناحين 10-12 ملم، جسمها فضي مائل للأسود وعليه خطوط طولية، بلون بني، عيونها مركبة، بلون بني، ولها قرون استشعار فضية اللون، وعليها بقع بنية، وللحشرة شفعان من الأجنحة، الجناحان الأماميان منبسطان، وتبلغ المسافة بين طرفيهما 10-13 ملم، وتغطيهما حراشف بيضاء وبقع بنية صغيرة، وللشفع الخلفي من الأجنحة لون أسود فاتح. شكل (1).

1

الشكل (1) الحشرة الكاملة لدودة البلح الصغرى (الحميرة)

 

البيضة

صغيرة الحجم، طولها حوالي 0.4 ملم، كروية متطاولة، لونها أخضر إلى أخضر مصفر، وتضع الإناث البيض بشكل إفرادي على الشماريخ وحامل الثمار وقمع الثمرة، يفقس البيض بعد 6-7 أيام.

اليرقة

يفقس البيض ويعطي يرقات صغيرة بلون أبيض أو أبيض مشوب بالسواد، أو وردي، الرأس والحلقة الصدرية الأولى بلون بني مائل للسواد، ويوجد على جانب كل حلقة صدرية نتوءان متقاربان، ويخرج من كل منهما شعيرة صغيرة، ويوجد على الظهر درنتان بجانب الخط الوسطي وعلى كل درنة شعيرة أطول من الشعيرات التي تخرج من النتوءات الجانبية، كما يوجد درنتان بعيدتان عن الخط الوسطي، ويخرج من كل واحدة شعيرة صغيرة، وتصل اليرقة إلى طولها النهائي بعد حوالي 12-15 يوماً، تمر خلالها بخمسة أعمار يرقية، ويصل طولها إلى 18-22 ملم، شكل (2).

2

الشكل (2) يرقة دودة البلح الصغرى (الحميرة)

العذراء

يتم التعذر بعد انتهاء طور اليرقة، وتتحول إلى عذراء مكبلة، داخل شرنقة حريرية لونها، أبيض فضي أو أصفر،  لها شكل مغزلي، طولها 12-14 ملم، شكل (3) ويستمر هذا الطور لمدة 6-8 أيام بحسب الظروف البيئية السائدة، وبخاصة درجات الحرارة.

3

الشكل (3) عذراء دودة البلح الصغرى (الحميرة)

 

لدودة البلح الصغرى، ثلاثة أجيال خلال السنة.

الجيل الأول:

تبدأ الحشرات الكاملة بالظهور في شهر فبراير وبداية شهر مارس، بحسب الظروف البيئية السائدة، وبخاصة درجات الحرارة، وغالباً ما يترافق ظهورها في معظم أماكن وجودها، مع وجود الثمار بداية طور الحبابوك، ويعد هذا الجيل هو الأخطر، كونه يهاجم الأزهار والشماريخ الزهرية والثمار في بداية تكوينها، ويقضي على أعداد كبيرة منها، وتقوم يرقات الحشرة بإفراز خيوط حريرية لربط الثمرة بالشمراخ، لمنعها من السقوط، ثم تبدأ بالدخول إلى الثمار عن طريق ثقب صغير بجانب قمع الثمرة، شكل (4) وتتغذى بكامل محتوياتها، ويبقى الغلاف الخارجي لها، وتبدو الثمار الفارغة معلقة، بواسطة الخيوط الحريرية، ويصبح لونها أحمر، شكل (5)، وتنتقل إلى ثمرة أخرى مجاورة، لتتغذى بمحتوياتها، وهكذا يمكن لليرقة الواحدة أن تتلف عدداً كبيراً من الثمار خلال فترة حياتها، وتسقط بعض الثمار على الأرض، شكل (6) ويبقى بعضها الآخر معلقاً بواسطة الخيط الحريري، وتبدأ اليرقة بالبحث عن مكان لتتعذر بعد اكتمال نموها، والذي يقارب 12-15 يوماً، وتتحول إلى عذراء ضمن شرنقة حريرية تنسجها في مكان مناسب على الشجرة أو في مكان آخر على الأرض أو مخلفات النباتات الموجودة تحت الأشجار المصابة، ويستمر هذا الجيل لمدة حوالي شهر.

4

الشكل (4) دخول يرقة دودة البلح الصغرى إلى الثمرة

5

الشكل (5) ثمار تمر مصابة بدودة البلح الصغرى ومعلقة على الشماريخ

6

الشكل (6) تساقط بعض الثمار المصابة بدودة البلح الصغرى تحت الأشجار

الجيل الثاني

تبدأ الحشرات الكاملة للجيل الثاني بالخروج من العذارى، بعد حوالي أسبوع، وتتلف اليرقات محتويات الثمار التي تهاجمها، وتسقط الثمار المصابة بشدة نتيجة ثقل وزنها وعدم استطاعة الخيط الحريري الذي تفرزه الحشرة على حمل هذه الثمرة، ويستمر طور اليرقة لمدة 14-16 يوماً، وتتعذر بعدها لمدة 7-8 أيام، ويستمر هذا الجيل لمدة حوالي شهر.

الجيل الثالث

يستمر هذا الجيل لمدة طويلة، تمتد من بداية مايو وحتى نهاية فبراير من العام التالي، (حوالي 9-10 أشهر)، وتبدأ الحشرات الكاملة بالظهور في بداية مايو، وتكون معظم ثمار أصناف النخيل قد وصلت إلى مرحلة الخلال والرطب، وتتلف اليرقات محتويات الثمار التي تهاجمها، وتدخل يرقات هذا الجيل في سبات داخل شرانق تصنعها، في أماكن مناسبة لتقضي فيها فترة البيات الشتوي في حفر تصنعها اليرقات في الجريد وأعقاب السعف، في رأس النخلة، ولا توجد أية شرانق على الأرض، كما هي الحال في الجيلين الأول والثاني، وتتحول هذه اليرقات الساكنة إلى عذارى في بداية الموسم الجديد( فبراير ومارس)، وتخرج الحشرات الكاملة، لتضع البيض على أزهار أصناف النخيل المبكرة، ويفقس بعد حوالي أسبوع لتبدأ اليرقات بمهاجمة الشماريخ الزهرية والعقد الحديث، وتستمر اليرقات الساكنة في هذا الجيل لفترة زمنية طويلة تتراوح بين 9-10 أشهر.

تتداخل أجيال الحشرة مع بعضها البعض، نتيجة اختلاف وضع البيض من قبل الحشرات، على أصناف النخيل المختلفة، ولا يمكن فصل الجيل الأول عن الجيل الثاني، وتستمر بعض أفراد من الجيل الثاني ضمن الفترة التي توجد فيها أفراد الجيل الثالث، بحسب الظروف البيئية السائدة، ومواعيد ظهور الحشرات الكاملة.

تسبب يرقات دودة البلح الصغرى، الأضرار لأشجار النخيل، نتيجة تغذيتها بالأزهار والمراحل الأولى من العقد (الحبابوك)، مسببة جفافها وموتها، وتبقى معلقة على الشماريخ بواسطة الخيوط الحريرية التي تفرزها اليرقات، وتربط بها هذه الأجزاء قبل مهاجمتها، كما تقوم اليرقات، بثقب الثمار في طور الخلال، والدخول إليها من منطقة القمع والتغذية بمحتوياتها، (الأنسجة المختلفة والنواة والأنسجة المحيطة بها) وترك الغلاف الخارجي للثمرة، فتجف الثمار المصابة ويتغير لونها إلى الأحمر، والذي تعود إليه تسمية هذه الحشرة (الحميرة)، وتبقى الثمار معلقة على الشماريخ بواسطة خيوط حريرية تفرزها اليرقات وتربط بها الثمار قبل مهاجمتها، وتنتقل اليرقة من ثمرة إلى أخرى، بعد إتلاف كافة محتوياتها، كما تتغذى اليرقات بمحتويات الثمار في مرحلة البسر، والتي تكون فيها الثمار ثقيلة الوزن، ولا تتغير ألوانها عند إصابتها في هذه المرحلة، وتسقط الثمار المصابة نتيجة ثقل وزنها.

ويمكن معرفة الإصابة من خلال وجود أحد الأعراض التالية

  • وجود ثمار صغيرة جافة، بلون بني ومربوطة ببعضها أو بالشماريخ الزهرية بواسطة نسيج حريري، شكل (5).
  • تساقط الثمار تحت الأشجار المصابة، وتفريغ محتوياتها، شكل (6).
  • وجود ثقوب بالقرب من قمع الثمار المصابة، شكل (4).
  • تفريغ الثمار المصابة من محتوياتها، ووجود مخلفات اليرقات في داخلها.
  • وجود النسيج الحريري في قمة الثمار المصابة، مع وجود الثقوب بجانب القمع على هذه الثمار.
  • يمكن ملاحظة بعض ثمار التمر الجافة والملونة باللون البني ومعلقة بالشماريخ على الأشجار، وتكون هذه الأعراض ناجمة عن كسر الشماريخ الحاملة لها، ويمكن تمييز هذه الحالة بوجود كرمشة على الثمار، شكل (7)، أما الثمار المصابة بدودة البلح الصغرى، فتتلون باللون البني، ولكنها تحافظ على شكلها الخارجي، بدون أية كرمشة، شكل (8).

7

الشكل (7) ثمار تمر ملونة باللون البني ومكرمشة نتيجة كسر الشماريخ الحاملة لها

8

الشكل (8) ثمار تمر مصابة بدودة البلح الصغرى

 

تختلف حساسية أصناف النخيل للإصابة بدودة البلح الصغرى، وقد يعود السبب في ذلك إلى اختلاف مواعيد تفتح الأزهار في كل صنف من هذه الأصناف، فقد سجلت نسب إصابة عالية على الأصناف المبكرة في الإزهار تلاها في هذه النسب الأصناف المتوسطة في مواعيد الإزهار، وسجلت أقل نسب للإصابة على الأصناف التي تزهر في أوقات متأخرة من الموسم، وقد تم تسجيل نسبة إصابة عالية بهذه الحشرة على صنف المجدول في سلطنة عمان، وسجلت نسب منخفضة على صنفي دقلت نور والجبري، وإصابات متوسطة على أصناف (خلاص الظاهرة، البرني)، وتختلف نسب الإصابة بهذه الحشرة، من سنة إلى أخرى ومن مكان إلى آخر، ويحصل لها فوران كل عدة سنوات في أماكن وجودها.

المكافحة

يقصد بمكافحة أية آفة، اتخاذ كافة الوسائل والتدابير الكفيلة، بتقليل أضرارها إلى الحد الأدنى، وذلك عن طريق منعها من الوصول إلى العائل، أو قتلها، أو إبعادها عن العائل، أو بوضعها في ظروف بيئية لا تناسبها أو منعها من التكاثر، أو منعها من التغذية، ويتم ذلك بعد دراسة سلوكها، ودورة حياتها، وعاداتها في التغذية والتكاثر، وفترات نشاطها… إلخ.

تكافح دودة البلح الصغرى (الحميرة) باستخدام برامج مكافحة متكاملة تتضمن ما يلي:

أولاً- المكافحة الزراعية

تتعذر دودة البلح الصغرى على أجزاء النخلة وبخاصة في الحفر التي تصنعها أو التي تجدها في أعقاب السعف والجريد، لذا تساهم بعض العمليات الزراعية في الحد من أضرار هذه الحشرة، ومن هذه العمليات:

  • اختيار أصناف النخيل عند الزراعة: يراعى عند إنشاء بساتين النخيل، اختيار الأصناف المتقاربة في مواعيد الإزهار، لتسهيل مكافحة الحشرة والحد من أضرارها، كما تفضل الأصناف التي تتعرض لنسب إصابة منخفضة في حال قبولها في الأسواق المحلية والعالمية.
  • التكريب: توجد اليرقات والعذارى لدودة البلح الصغرى، في بعض ثمار النخيل المتساقطة، على الأشجار، والتي تتجمع بين الكرب والجذع وتفيد عملية التكريب الصحيح في منع تجميع هذه الثمار على الجذوع.
  • جمع الثمار المتساقة: تتساقط الثمار المصابة بدودة البلح الصغرى، على جذوع الأشجار، وتحت هذه الأشجار، ويحتوي بعض هذه الثمار على يرقات أو عذارى الحشرة، وتفيد تنظيف هذه الأماكن من الثمار المتساقطة، في تخفيف أعداد الحشرات بعد القضاء على أطوارها الموجودة ضمن هذه الثمار.
  • تكييس الأزهار بعد التلقيح: تضع إناث دودة البلح الصغرى البيض، على الشماريخ الزهرية، والعقد الحديث، ويمكن منعها من القيام بهذه المهمة، عند تغطية الأزهار بأكياس ورقية مثقبة، وتفيد هذه العملية في زيادة كفاءة التلقيح.
  • إزالة الطلع القديم والعذوق القديمة بعد جني المحصول: تتجمع الثمار المتساقطة، على أجزاء النخلة المختلفة، ومنها الطلع القديم وحوامل العذوق التي تبقى على الأشجار بعد جمع المحصول، ويفيد التخلص من هذه الأجزاء في الحد من الإصابة بهذه الحشرة.
  • إزالة الفسائل من حول الأمهات: يؤدي وجود عدد من الفسائل حول أشجار النخيل إلى تجميع الثمار المتساقطة، وصعوبة جمعها، وربما تحتوي هذه الثمار على يرقات أو عذارى الحشرة، ويفيد إزالة الفسائل وإبقاء 2-4 فسائل حول الأم في تسهيل جمع الثمار المتساقطة وإتلافها والتخلص من أطوار الحشرة الموجودة فيها.
  • هز العذوق أثناء عملية التحدير: تعد عملية التحدير من العمليات الزراعية الهامة التي تحتاج إليها أشجار النخيل للحصول على إنتاج عال، كماً ونوعاً، وتفيد هذه العملية في التخلص من الثمار المصابة بدودة البلح الصغرى، وتساقطها على الأرض في حال قيام العامل بهز العذوق بشكل جيد أثناء القيام بعملية التحدير، شكل (9)، ويمكن أن تكون ضمن نسبة كبيرة من هذه الثمار يرقات الحشرة، والتي لم تكمل التهام محتويات الثمرة المصابة، وبذا تساعد هذه العملية في القضاء على أعداد كبيرة من اليرقات.

9

الشكل (9) هز شماريخ وعذوق النخيل أثناء عملية التحدير

 

ثانياً- المكافحة السلوكية

تستخدم المصائد الفيرمونية الجنسية، شكل (10) لتحديد مواعيد ظهور الحشرة، وفترات نشاطها خلال العام، وجمع الذكور ومنعها من تلقيح الإناث.

10

الشكل (10) المصائد الفيرمونية الجنسية لدودة البلح الصغرى (الحميرة)

ثالثاً- المكافحة الكيميائية

تستخدم المبيدات الحشرية في مكافحة دودة البلح الصغرى، وتقضي هذه المركبات على أعداد كبيرة منها في حال استخدامها بالشكل الصحيح، كما يفيد استخدامها من قبل الأخصائيين في القضاء على حشرات أخرى وبخاصة سوسة النخيل الحمراء، التي تبدأ بالنشاط في بداية شهر مارس في معظم السنوات في الإمارات العربية المتحدة، ونلفت الانتباه إلى رش المجموع الخضري وجذوع الأشجار لمكافحة الحشرات القشرية وحفارات الساق والعذوق التي توجد على الأشجار، ويوجه معظم المزارعين عملية المكافحة الكيميائية للقضاء على دودة البلح الصغرى خلال هذه الفترة، ودون الاستفادة منها لمكافحة الحشرات الأخرى في حال اختيار المبيدات المناسبة لهذه المجموعة من الحشرات.

رابعاً- المكافحة الحيوية

تم تسجيل العديد من المفترسات والطفيليات والعوامل الممرضة التي يمكنها أن تخفف أعداد دودة البلح الصغرى، ويمكن الاستفادة منها في برامج إدارة هذه الآفة الهامة.