المنصوري: الزراعة المائية أكثر الأنظمة مرونة وملاءمة لبيئة


Slide4

المنصوري: الزراعة المائية أكثر الأنظمة مرونة وملاءمة لبيئة الإمارات

أجرت الحوار: عبير البرغوثي

يعد القطاع الزراعي من أهم القطاعات التي توليها دولة الإمارات العربية المتحدة وبتوجيهات من القيادة الرشيدة اهتماماً كبيراً، وذلك من خلال اعتماد وتنفيذ خطط تهدف إلى زيادة الاعتماد على الذات، وتقليل الاعتماد على الاستيراد إلى أدنى حد ممكن، حيث يواجه قطاع الزراعة في الدولة الكثير من التحديات وفي مقدمتها مشكلة شح المياه، وقلة صلاحية التربة للزراعة، والمناخ الجاف، الأمر الذي أصبح يدفع الجهات المختصة والأفراد إلى اللجوء إلى استخدام الأساليب التكنولوجية الحديثة في الزراعة، بما يتيح بدوره زيادة كبيرة في الإنتاج الزراعي بمعدلات استهلاك قليلة للمياه، والموارد الطبيعية.

ويشكل المواطن صالح بن يعروف المنصوري من المنطقة الغربية (ليوا) نموذجاً ناجحاً من المزارعين الذين انتقلوا من الزراعة التقليدية إلى مجال الزراعة المائية، وذلك انطلاقاً من قدرة هذا النظام على تحقيق أهداف مهمة وفي مقدمتها تحقيق جودة عالية وربح وفير وبتكاليف إنتاجية أقل بكثير من الزراعة التقليدية، فضلاً عن الحصول على منتج زراعي خالٍ من المواد الكيميائية وذي قيمة غذائية عالية من جهة أخرى، حيث عمل المنصوري على تطوير مشروعه الخاص من خلال اطلاعه على التجربة السنغافورية في هذا المجال، وبدأ بتطوير مشروعه في مجال الزراعة المائية في عام 2011، حيث أسس مقر مزرعته في المنطقة الغربية (ليوا).

وبهدف تسليط الضوء على قصة نجاح صالح بن يعروف المنصوري في مجال الزراعة المائية كان لـ«مزارع» معه هذا اللقاء، وفيما يلي نص الحوار:

النظام الأكثر ملاءمة لبيئة الإمارات

كيف بدأت اهتمامك بمشروع عملية الزراعة بالماء، وكيف عملت على تطوير هذا المشروع، وأين يوجد مقر مزرعتكم؟

من أقوال المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، (أعطوني زراعة أعطكم حضارة) .

بدأ اهتمامي بالزراعة بشكل عام في سنة 1990، وكنت أبحث دائماً عن كل ما هو جديد في هذا المجال من تقنيات ومواد وطرق حديثة في الزراعة، حتى وصلنا إلى وقت قد شحت فيه المياه الجوفية، الأمر الذي أثر بشكل كبير على قطاع الزراعة، وخاصة في مجال زراعة الخضروات، وفي عام 1999 اتجهت إلى سنغافورة للتعرف والاطلاع على تجربتهم في مجال الزراعة المائية، ومن هناك كانت نقطة انطلاقي نحو الاهتمام بالزراعة المائية، وبدأت بتطوير مزرعتي الخاصة في عام 2011 ومقرها في المنطقة الغريبة (ليوا).

ما هو نظام الزراعة المائية؟

الزراعة المائية هي نمط زراعي حديث ومن أكثر الأنظمة ملاءمة لبيئة الإمارات، حيث يمكن تطبيقها على جميع الأراضي مهما كانت مساحتها والتحكم في مكوناتها والأدوات المستخدمة بها ونوعية الأوساط الزراعية بما يتناسب مع أنماط المحاصيل الزراعية، ويمتاز هذا النظام بالكفاءة العالية، حيث يقوم على أساس خفض كميات المياه المستخدمة لري محاصيل الخضار بنسبة توفير تصل إلى 90% على حسب نوع المحصول الذي يتم زراعته مقارنة بالمياه المستخدمة في الزراعة الحقلية، بالإضافة إلى الكفاءة العالية في استخدام الأسمدة، علاوة على الزيادة الكبيرة في الإنتاج نتيجة تحسين نمو النباتات. مع استخدام محدود ومنظم للمبيدات، مما ينتج عن ذلك ارتفاع جودة المحصول وحماية البيئة.

كيف تتم عملية الزراعة المائية، وما هي أكثر الأماكن ملاءمة لتطبيق هذا النوع من أنواع الزراعة؟

كما قلنا سابقاً، الزراعة المائية نظام يتميز بأنه يمكن تطبيقه على جميع الأراضي مهما كانت مساحتها، حيث يمكن التحكم في مكوناتها والأدوات المستخدمة بها ونوعية الأوساط الزراعية بما يتناسب مع أنماط المحاصيل الزراعية. وتتم زراعة الشتلات في مراكز زراعية ويستخدم ليف النخل كبيئة ونشارة كرب النخيل، كما يتم استخدام الماء عدة مرات لأن نظام الماء دائري، إضافة إلى بعض المغذيات، ومن الأفضل أن يتم تطبيق الزراعة المائية داخل البيوت المحمية.

300% زيادة في الإنتاج

ما هي متطلبات استكمال الزراعة المائية من حيث ملاءمة التربة وكمية المياه والأدوات المطلوبة؟

بحكم أن الزراعة المائية نظام مرن، ويمكن تطبيقه مهما كانت مساحة الأرض مع امكانية التحكم في الأدوات المستخدمة، الأمر الذي يسهم في توفير أحدث التقنيات والأنظمة في مجال الزراعة المستدامة وزيادة وجودة الإنتاج وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وعليه فإن من أهم متطلبات الزراعة المائية توفر التالي أدناه:

  • بيوت زراعية.
  • مولد كهربائي احتياط.
  • محطة تحلية للماء.
  • متر خاص لقياس الأملاح والحموضة (ph).
  • خزانات ماء.

ما الفرق بين الزراعة المائية والزراعة التقليدية؟

 يُعدّ الاختزال الكبير في كمية الماء الميزة الأبرز لهذا النمط الحديث من الزراعة، حيث تلبي الزراعة من دون تربة متطلبات النباتات من المياه دون فقد جزء كبير منه، إلى جانب استهلاك أقل للمبيدات الزراعية، وتجنب أكبر للآفات والأمراض بشكل أكبر، وذلك مقارنة بالزراعة التقليدية، كما تتناسب الزراعة المائية مع الزراعة المكشوفة والمحمية، كما أن إنتاجية الزراعة المائية تفوق إنتاجية التربة بنسب زيادة في الإنتاج تصل إلى 300% في بعض المنتجات، كما أن الزراعة المائية لا تحتاج إلى التربة وما تتطلبه من عمليات تهيئة وحراثة، كما أنه بالإمكان تكرار زراعة المحصول الواحد عدة مرات خلال السنة عند توفر الظروف الملائمة، في حين تحتاج الزراعة بالتربة إلى وقت لتهيئة الأرض عند تكرار زراعة المحصول في نفس الأرض.

ما هي إيجابيات الزراعة المائية وما هي سلبياتها؟

 من أهم إيجابيات الزراعة المائية:

  1. سرعة الإنتاج.
  2. توفير الماء.
  3. جودة المنتج.
  4. من خلال الزراعة المائية يمكن زراعة منتجات أخرى مثل الأرز لا يمكن زراعته في الزراعة التقليدية.

ليس هناك أية سلبيات غير الإهمال في اتباع الخطوات اللازمة لتنفيذ الزراعة المائية، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى فشل المشروع، وبالتالي التسبب بخسارة كبيرة للمزارع.

عدم استخدام المبيدات الضارة أهم خصائصها

ما هي التحديات والعقبات التي تواجهكم في هذا المجال؟

في بداية الأمر كانت هناك الكثير من التحديات من أهمها طبيعة المحاليل المستخدمة في النظام، الأمر الذي سبب التأخير في الإنتاج، وذلك بسبب اتحاد بعض العناصر الغذائية في الماء.

هل يتم ترويج وتسويق منتجات هذا النوع من الزراعة في السوق المحلي؟

نعم، ولكن للأسف حتى الآن لا يوجد دعم للأسعار من قبل مركز خدمات المزارعين، والذي يعد مسؤولاً عن الترويج لمثل هذه المنتجات، كما أنه هو الطرف الثاني في العقد الذي تم إبرامه لاستلام المنتجات من المزرعة.

كيف يمكن للمستهلك التمييز بين منتجات الزراعة المائية والمنتجات التقليدية؟

يمكن للمستهلك التفريق من خلال الاطلاع على غلاف المنتج وملاحظة كلمة (hydroponics) أو (منتج زراعة مائية), إضافة الى التأكد من ترخيص وزارة التغير المناخي والبيئة.

IMG-20160514-WA0035 IMG-20160514-WA0073 IMG-20160514-WA0045

 

هل لمنتجات الزراعة المائية أية فوائد صحية؟

بالتأكيد، وأهمها عدم استخدام المبيدات الضارة في التربة.

ما هي أكثر أنواع الخضروات والفواكه التي يتم إنتاجها بطريقة الزراعة المائية؟

ولله الحمد لقد قمنا بزراعة جميع أنواع الخضروات، والكثير من الفواكه والحبوب والأرز والزنجبيل، ولقد تكللت بالنجاح.

نظرة دائمة نحو تحقيق الاستدامة

من واقع تجربتك، هل هناك انتشار واسع لهذا النوع من المزارع في الدولة؟

على حد علمي ليس هناك مزارع مائية كثيرة في المنطقة الغربية، وللعلم مزرعتنا هي المزرعة الأولى في المنطقة الغربية، ولقد زارنا سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في المنطقة الغربية، في المزرعة واطلع على المنتجات وعلى كيفية تشغيل النظام، ولقد ترتب على هذه الزيارة الزيادة والمثابرة في كل ما هو جديد في هذا المجال.

نظام الزراعة المائية من المشاريع التي تتطلب عمل دراسات متخصصة، وفهم ما يتلاءم مع متطلبات السوق في الدولة، فهل قمتم بعمل أية دراسات قبل تنفيذ المشروع؟

عند البدء بتنفيذ المشروع لم نقم بعمل أية دراسات، إذ كان الهدف إيجاد ما هو جديد وملائم للبيئة والمناخ في الإمارات، وأنا أعتبر هذا الإنجاز (تحدياً)، ولله الحمد توفقنا وأنجزنا بتميز في هذا المجال.

كصاحب مشروع في مجال الزراعة المائية، هل تتلقون أي دعم مهما كان شكله من الجهات ذات العلاقة في الدولة؟

الدعم موجود من أيام المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وحتى يومنا هذا، ولكن ندعو أيضاً كأصحاب مشاريع من هذا النوع الجهات المختصة إلى الاهتمام بالمنتجات الخاصة من المزارع المائية.

ما هي خططك المستقبلية، سواء في هذا المجال، أو في مجالات أخرى ذات علاقة؟

التطوير والابتكار المستمر في هذا المجال ونظرتنا الدائمة إلى تحقيق الاستدامة.

ما الرسالة التي توجهها لكل مواطن إماراتي طموح يسعى لتحقيق مشروعه الخاص في مجال الزراعة؟

على أي مواطن قبل بدء مشروعه الخاص في مجال الزراعة المائية أن يتأكد من الأسعار الخاصة بالأدوات والمواد المستخدمة في نظام الزارعة المائية، حيث إن الكثير من الشركات تستغل الوضع وترفع الأسعار دون أي مبرر. و ذلك بحكم أن النظام لا يزال حديثاً في الدولة.

وأنا كصاحب تجربة على استعداد للمساعدة وتقديم الإجابة عن أي استفسار من أصحاب المزارع الجدد.

وفي النهاية يجب أن نؤكد ان هذه الانجازات في مجال الزراعة هي ترسيخ لما غرسه المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه ونحن اليوم نجني ثماره.